رساله اعتذار، نامه اى است كه فيض به يكى از علماى خراسان نگاشته است. آن عالم از وى خواسته بوده تا فيض نزد شاه وساطت كند تا در خراسان منصب اقامت جمعه و يا اداره امور آستان قدس به وى واگذار شود، فيض در خواست وى را با توضيحاتى درباره زندگى و خصايص روحى خود رد كرده است.
اين نامه مىتواند در تنظيم زندگينامه فيض و بويژه شناخت ديدگاههاى وى درباره علماى اصفهان مفيد افتد و در مجموع براى ارزيابى وضعيت دينى آن عصر از نگاه فيض كمك شايستهاى بكند.
نویسنده: فیض کاشانی
منبع: ده رساله فیض کاشانی
بسم اللّه الرحمن الرحيم و به نستعين
الحمد للّه الذى نور قلوبنا بنور العلم فى ظلمات الفتن و شرح صدورنا با عطاء السلم فى مضائق المحن و الصلوة على محمد و اله الهادين الى اللّه باملاء اعلام الفرائض و السنن.
فقد وصل الىّ ايها السيد اسعدك اللّه فى رفاه حالك و حسن مآلك، مكتوبك المتضمن لشرح بعض احوالك و استعانتك اياى فى تحصيل بعض آمالك فقرائة و فهمت ما فيه و كان من جملة ما فيه التماسك منى ان استاذن حضرة السلطان انار اللّه برهانه فى ان يفوض امامة صلوة الجمعه فى جامع المشهد الرضوى- سلام اللّه على من شرفه- اليك و ان يمنع من الامامة من اراد التقدم فيها عليك و ان يفوض خدمة من خدمات تلك العتبه العليه اليك و ان يامر لك بادرار وظيفة من الموقوفات التى هنالك لتستعين بها على عيالك.
فقابلت مكتوبك بهذا الكتاب المشتمل على شرح بعض احوالى المتضمن للاعتذار بابتلائى بالوقوع فى مدلهمات الامور و مشتبهات عالم الزور حتى قصرت باعى عن امثال ما التمست و ضاقت زراعى عن اشباه ما سألت لعلك تعذرنى فيما يتراى فىّ من التقصير فى اسعاف المسؤول، فان العذر عند كرام الناس مقبول و لكى ينتفع به السالكون و ينتبه به الغافلون، فاقول مستعينا باللّه ربى و مستعيذا به عز و جل من ان يكون غرضى فيما اقول تزكية نفسى «وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي» «یوسف ۵۳» فاقول من عرفنى فقد عرفنى و من لم يعرفنى فليعرفنى انى لست كاحد من ابناء الزمان ادخل فيما دخلوا فيه و اخرج مما خرجوا منه، و لكنى امرء مقبل على شأنى على حذر من اوثق اخوانى معرض عن الدنيا و ما فيها و عن عرض حاجة على بنيها سواء فى ذلك حاجتى و حاجة الغير لان ما فى سؤالهم من الشر اكثر مما فيه من الخير و دفع المفسده اهم فى نظر العقلاء من جلب المنفعة، و انى بحمد اللّه لم ادخل قط فى ذل السؤال منذ بلغت مبلغ الرجال فى حال من الاحوال، لانى رايت ان طلب المحتاج الى المحتاج سفه من رأيه و ضلة من عقله، لا يليق بذوى المروة و الدين و ليس من شيم المؤمنين و ان من خلقه اللّه و ضمن رزقه واكّد ذلك فى كتابه فان اللّه يفى له بذلك و لن يخلف اللّه وعده و ان الحسيب النسيب من الناس لا يحتاج قط الى السؤال فى ضرورة معاشه و ان احتاج فانما يكون احتياجه الى ذلك فى فضول المعاش مما لا حاجة اليه فى التعيش بل هو و بال على صاحبه «فان الدنيا حلالها حساب و حرامها عذاب» «نهجالبلاغه، خطبه ۸۲» يعنى الفضول الغير الضرورى ليس من الدنيا بل هو من الاخرة و كسبه من الحلال عبادة و انى كنت برهة من الزمان اعيش مع جماعة من الاطفال و العيال بلا كسب و لا وقف و لا وظيفة و لا سؤال و لا قبول تصدق و لا ادرار من شبهة او حلال و ما كان لى صناعة و لا بضاعة سوى غنى النفس، بلى كنت قد ورثت من والدى طاب ثراه من الحلال ما لو كان وظيفة عام لاحدكم لا ستقله غاية الاستقلال كنت قد اودعته عند من يتجر لى به و كنت اكافيه على تجارته شىء من ربحه لئلا يكون لمخلوق على منّة و كان يعطينى من ربحه ما اكتفى به واقنع و بالقناعة به اشبع و كنت معرضا عن الانفاق فى الفضول و رضيت عن نفسى بترك مروّة الاعطاء، لما رايت ان المروة فى التعفف اكثر منها فى الاعطاء كما قال مولانا الباقر عليه السلام «سخاء المرء عما فى ايدى الناس اكثر من سخاء النفس فى البذل و مروة الصبر فى حال الفاقة و الحاجة و التعفف و الغنى اكثر من مروة الاعطاء و خير المال الثقة باللّه و اليأس عما فى ايدى الناس».
و فى الحكمة الفارسية:
چندانكه مروّت است در دادن
در ناستدن هزار چندان است
و كنت بذلك اعيش سنين مشتغلا بعلوم الدين لا ارفع عنها رأسا و لا اذوق من غير عيونها كأسا حتى منحنى اللّه ببركة اكل الحلال و متابعة النبى و الآل من العلم و الحكمة ما لا يحتمله حوصلة اهل الزمان و صنفت فى علوم الدين قريبا من مائة كتاب اودعت فيها مما استفدت من اللّه سبحانه ببركتهم عليهم السلام و لم ابرز منها للناس الا قليلا لانى لم اجد من يفهمها من اذكيائهم الا عليلا.
انى لا كتم من علمى جواهرهكيلا يرى الحق ذو جهل فيفتننا [۱] و لم يكن لى قط نزاع و ميل الى الشهرة و لا صغاء الى الصّيت و السمعة بل كنت لا ارضى ان يعرفنى احد بما انا فيه و كنت استر حالى و اضافيه و ذلك لما عرفت يقينا ان الجاه و الشهرة على صاحبهما و بال، لمنعهما اياه عن العبادة بفراغ البال، بل لا يهنىء له معهما عيش فى شىء من الاحوال و لا سيما اذا قرنا بالرياسة، فانها عقوبة معجّلة و ان سلم صاحبها عن العقاب فى المال.
و كنت اصلى صلوة الجمعة خافيا مع شرذمة من اصحابى خائفا من اللّه سبحانه ان اتركه لانى اعتقدت وجوبها العينى و لم يكن فى بلدنا احد يصلى غيرى لاقتدى به فى غمار الناس و كنت بذلك اشد رضاءا من ان اكون مقتدأ، فلما مضت على ذلك سنون وقفت على صلوتى الا بعدون، فاخذوا فى الجمعات يشهدون حتى عرفونى بعض المعرفة و اطّلعوا على اوضاعى و اطوارى و استفادوا من تاليفى و آثارى مما لم يكن مثله فى ايدى الناس و كان له من الكتاب و السنّة اساس، فانتشر خبرى فى البلاد و بلغت رياستى المبغوضة الىّ الى العباد، و آل الحال الى ان رام السلطان اشخاصى من بلدى و مسقط رأسى فارسلوا الىّ ان ائتنا لنستفيد من علمك و نستبشر بوفودك و نروّج الجمعة و الجماعات بشهودك، فصرت متحيرا فى الرد و القبول من جهة الدين، لانى كنت لم ارض بالدخول فى الشبهات و ما يوجب المنافسات، فكنت اقدم رجلا و اؤخّر اخرى و استشير مرة هذا و مرّة هذا، فاشار علىّ اصحابى بوجوب الاجابة و خوّفونى من اللّه سبحانه ان لم اجب العقوبة، لزعمهم ان فى وفودى عليهم ترويجا للدين و نصرة للايمان و المؤمنين، فلما اتيت بلدتهم و تمكنت فيها و تعرفت اهلها، وجدت فيها قوما من المنتسبين الى العلم فى تباين من الاراء و تزاحم من الاهواء، و رايت فيهم عبادة الدنيا و تناقض الامثال و الاقران و تباغض الخلان و الاخوان، يطعن بعضهم فى بعض و ينقض احدهم رأى صاحبه كل النقض و قد «نبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهم» «قسمتی از آیه ۱۰۱ سوره بقره» كانهم لا يعلمون و ان كثيرا منهم ليكتمون الحق و هم يعلمون «يعملون فى الشبهات و يسيرون فى الشهوات، المعروف فيهم ما عرفوا و المنكر عندهم ما انكروا، مفزعهم فى المعضلات على انفسهم و تعويلهم فى المبهمات على آراءهم، كأنّ كلّ امرئ منهم إمام نفسه قد اخذ منها فيما يرى بعرى و ثقات و اسباب محكمات» «نهج البلاغه، خطبه ۸۸» و كان [دأب] السلطان فيهم ترويج الدين و تعظيم شعائر اللّه فى المسلمين ايّده اللّه و ابّد ظله على رؤوس المؤمنين فامرنى باقامة الجمعة فى جامعهم و بلغ تخصيصه اياى بذلك الى مسامعهم و انه لا يرضى بقيام غيرى مقامى و لا يألوا جهدا فى اعزازى و احترامى، فزلزلوا بعض الزلزال و اضطربوا فى الاحوال ثم انه بقى منتظرا لاتفاقهم و ارتفاع شقاقهم حتى يدخل نفسه على بصيرة فى جملة المصلين و يروج بذلك شعائر الدين و اقامة الجمع و الجماعات و تاليف القلوب بالطاعات و الحث على ذكر اللّه الاكبر و ما جعله اللّه ناهيا عن الفحشاء و المنكر. فتفرق القوم فرقا و تحزبوا شيعا و زيد ذلك فى اختلافهم و اشتدّ به عروق شجرة خلافهم.
ففرقة من اهل التحذلق كانوا يدّعون الكياسة و لا يأتى منهم الرياسة و لم يكن لهم حظ فى فهم الكتاب و السنّة كما ينبغى و لا علم بشرائط الجمعة و الجماعات على وجهه لتضييعهم اعمارهم فيما ليس من العلم مما يشبه العلم اذ ضلّت عنهم سبيل تحصيل العلم و الهدى بغشاوة عرضت على ابصارهم من تقليد الاباء و محبة زخارف الدنيا، فكانوا مقلدين لكتب القوم فى مسائلهم من غير بصيرة لهم و لا يقين، مشككين فى متشابهاتهم و متعارضاتهم، حائرين بائرين، فصاروا يلقون بين الناس كلمات باردة محيرة للذين لا يعلمون ثم يعتزلون «يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ» «صف ۸» و فرقة من ارباب الرئاسة و اصحاب الغبطة و النفاسة حاشاهم عن الحسد، كانوا يدعون الاجتهاد و انهم من اهل العدالة و الاعتماد و كانوا يخرجون من البلد مع طائفة من الهمج الرعاع يصلون الجمعة فى بعض القرى هذا فى قرية و ذاك فى اخرى، فظلوا يسعون فى تفريق كلمة المسلمين وشق عصاهم فى الدين لامر ما في نفوسهم و تزاحم قيامهم و جلوسهم قد باض الشيطان و فرخ فى صدورهم و دبّ و درج فى حجورهم، فركب بهم الزلل و زين لهم الخطل و كانوا يسمون الوساوس و البدع بالاحتياط و الورع غير مكترثين بوقوع التباغض و التباين بين المسلمين و التخالف و التدابر فى المؤمنين و ذهاب ما بقى من رمق الالفة و المحبة من القلوب مع انّ ازديادهما هو المقصد الاقصى من الجمعة و الجماعات و المطلوب كل المطلوب كانهم ما سمعوا قول اللّه سبحانه «وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ، وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ» «آل عمران ۱۰۵» و قوله عز و جل «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ» «انعام ۱۵۹» و قوله سبحانه «وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ» «توبه ۱۰۷» مع احاديث لا تحصى فى ذلك، فهم فى فعلهم هذا كمن بنى قصرا و هدم مصرا.
و فرقة ثالثة من شياطينهم كانوا يحكمون بتحريم الجمعات بغيا و يامرون بتركها عتوّا و يصرون على ترك الجماعات تكبرا من انهم سمعوا حديث احراق البيوت و نحوه كانهم يستنكفون عن سنن الدين و شعائر المسلمين «يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَ يَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ» «توبه ۶۷».
و فرقة رابعة لا يبالون بالمعروف فعل او لم يفعل و لا بالمنكر ترك او لم يترك و لا بالجمعة و الجماعات اقيمت او اهملت كانه لا اثم عليهم اذا اعتزلوا و لا حرج عليهم اذا سكتوا، كانهم ما سمعوا قول اللّه عز و جل «وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ» «مائده ۲» و قوله تعالى «لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ» «مائده ۶۳».
و بالجمله اجمعوا جميعا على مخالفة امر اللّه عز و جل و نهيه فى قوله سبحانه «وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا» «آل عمران ۱۰۳».
قال صاحب زماننا صلوات اللّه عليه و على آبائه فى كتابه الذى كتبه الى شيخنا المفيد رحمه اللّه «و لو ان اشياعنا وفقهم اللّه لطاعته على اجتماع من القلوب فى الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا و لتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة و صدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم الا ما يتصل بنا فما نكرهه و لا نؤثره منهم و اللّه المستعان و هو حسبنا و نعم الوكيل» «الاحتجاج ج۲ ص ۳۲۵» انتهى كلامه عليه السلام.
فلما راى ذلك منهم السلطان الذى كنت مامورا من تلقائه باقامة سيد العبادات فتر عزمه عما اراد من ترويج الجمعة و الجماعات و فتح ابواب السعادات، فاهمل الا نادرا شهود الجمعات و اقبل على ما كان عليه من اللذات و لعمرى انه لمعذور فى هذا الاهمال و اعراضه عما كان عقد عليه البال لتلبيس القوم عليه سبيل الصواب و قد شافهنى بذلك، فعجزت عن الجواب و كيف يمكن الاعتذار عن مثل هذا الاختلاف و مثل هذا التنازع و الخلاف و لا سيما من القائلين بوجوب اقامة الجمعة و الجمعات و من يعدها فرضا فانهم فيما بينهم يردّ بعضهم بعضا و يقع احدهم فى عرض مثله و من يقرب مرتبته فى مرتبته يبتغى له المعايب و يثلم فى عدالته بالمثالب قولا و فعلا تلويحا و تصريحا و هو غافل عن سقوط محله عن الاعين بهذا الشقاق و النفاسة و انحطاط منزلته بذلك عن درجة الاستحقاق و الرياسة لا عند الخواص فقط بل و عند العوام حتى يصير ذلك ضحكة اللئام «ذلك لهم خزى فى الدنيا و لهم فى الاخرة» ما شاء اللّه.
و ما ذلك الا لشهوة خفيّه فى نفوسهم لنفس الرياسة و الجاه من دون ابتغاء التقرب بهذا الطاعة الى اللّه اذ لو كان غرض احدهم من هذه الرياسة ترويج الدين و تأييد المؤمنين لكان يقتدى فى الجمعة و الجماعة باخيه و يسد فاه من القول فيه و يعينه على امره و يماشيه و لا يظن به السوء، اليس امير المؤمنين عليه السلام سلم الامر الى ابى بكر اذ لم يتأت له المقاومة مع القوم فكان يأتمّ به فى صلواته ظاهرا من دون ان يتوجه اليه لوم، شفقة على بيضة المسلمين لكيلا يتفرق كلمتهم و لا ينشق عصاهم و يكون شملهم جمعا و يكونوا الاحكام الدين سمعا مع ما فى تسليم الامر اليه يومئذ من المفاسد ما لا يخفى و لا يحصى الا انها كانت اسهل و اقل بالنسبة الى تفريق الكلمة و شق العصا و نحن فى مثل هذه الامور الجزئيه اولى بذلك لقلة مفاسده بالاضافة الى ما هنالك، و لعل قائلهم يقول ان امير المؤمنين عليه السلام كان يتقى! فقيل له:
فانت فما يمنعك من ذلك و مصلحة التقيه موجودة اذ بها ترتفع الفتنه و التباغض و التفرقه و التناقض و مفسدتها مفقودة لجواز الاعتماد على قراءة اخيك فى الصلوات لوجود العدالة المعتبرة فيه كما دلت عليه الروايات و شهدت به الاعتبارات فانه ساتر لعيوبه متحافظ على زلاته فى غيوبه و بهذا القدر يحصل الغرض المطلوب من عدالته فى الصلوة فذره و نفسه فى تقواه و دعواه و معاملته مع اللّه و ايضا فانت و هو فى ذلك سواء و هو عند نفسه و عند طائفة من الناس كما انت عند نفسك و عند طائفة منهم بلا خفاء، فدع عنك الوسواس و لا تكترث باقاويل اشباه الناس و نعوذ باللّه من الشيطان الرجيم و قل بسم اللّه الرحمن الرحيم و اقتد بقرينك و صن بالتواضع للّه سبحانه دواء دينك.
و اما انا فما تقلّدت امامة الجمعة فى هذه البلدة الا لانى كنت بذلك مامورا و المامور يكون معذورا و لو كان لى الخيرة فى ذلك لتركتها و لم اوقع نفسى من المهالك كما تركتها اول جمعة من ورودى البلد قبل ورود الامر الحتم بها علىّ بالخصوص امرا لم اكن اقدر معه على الرد و قد طلبت بعد ذلك الاذن فى تركها مرّة بعد اخرى فلم يؤذن لى و وددت ان لو اذن لى بالاقتداء باحدهم ممن كان اهلا لذاك او بتركها و اراحة نفسى من تبعات الرياسة المؤدية غالبا الى الهلاك فان عقيدتى ان تركها جائز فى البلاد التى يقضى اقامتها فيها الى الفساد و العناد و الى تفريق الكلمة وشق عصا المسلمين و الى التدابر و التباغض بين المؤمنين و ان تاركها حينئذ معذور، و لمثل هذه الامور تركها ائمة الهدى صلوات اللّه عليهم فيما مضى من الدهور اذا المطلوب منها تحصيل تاليف القلوب و ازالة العيوب و سلامة الغيوب و باقامتها حينئذ يحصل ضد المطلوب، نعم لو كان من يتاهل لها فى بلد لم يكن فيه من يطلب الرياسة و يؤذيه الغبطة و النفاسة، جاز لذلك المتأهّل ان يقيمها بشرط ان يخلص نيّته للّه و ليس له غرض سواه «و كم ذا او اين اولئك، اولئك و اللّه الا قلون عددا الا عظمون قدرا» «نهج البلاغه حکمت ۱۴۷».
و اما انت ايها السيد رحمك اللّه فليس لك و لا لصاحبك دواء الا الاجتماع و الاتحاد او الترك و اراحة انفسكم مما يؤدى الى العناد و الفساد و لن تقبلا و اما ما زعمتم من امكان الاصلاح بتمييز المتأهل عن غير المتاهل ثم الحكم على غير المتاهل بالانتهاء عنها فمن المحالات، و ذلك لان من عرف هذا التمييز لا يخلو من تقيّه او غرض او مرض و من لم يعرف فهو بمعزل عن ان يحصل به الغرض ثم من يدّعى اهلية ذلك و ليس له باهل لا يمتنع و لا ينتهى بمجرد قول المميز و حكمه عليه بالانتهاء الا بالجبر من السلطان و كيف يجبر السلطان و هو غير عارف بالشأن لا و اللّه ليس له ان يجبر و لا لاحد ان يستدعى منه الجبر الا اذا عرفا جميعا ان الجبر جائز له شرعا و انه لا حرج عليه فيه و لا يتحقق معرفته بذلك الا باتفاق المنسوبين الى العلم على ذلك و الاتفاق من الممتنعات و لم يتحقق منذ خلق اللّه المخلوقات و قد اخبر اللّه فى غير موضع من كتابه بذلك قال اللّه تعالى «وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ» «هود ۱۱۸» و قال عز و جل «وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ» «آل عمران ۱۰۵» الى غير ذلك و كيف يتحقق الاتفاق مع تباين الاراء و تزاحم الاهواء على انه ليس كل من انتسب الى العلم بعالم «و لا كل ذى قلب بلبيب و لا كل ذى بصر ببصير و لا كل ذى سمع بسميع» «نهجالبلاغه، خطبه ۸۸» و لهذا لما جرّبت القوم تقلصت بنفسى سريعا عن بابهم و انزويت بقلبى حيثنا عن جنابهم و ان كنت بجسدى فيهم و فى الظاهر من ذويهم اذ كل فتنة فمن امثالهم بدت و اليهم تعود.
فها انا ذا مبتلى بنفاقهم غريب فى شقاقهم، وحيد فى جملتهم، فريد فى ملتهم ليس لى الخيرة فى اكثر امورى و انا اسعى فى تحسينها حسب مقدورى فكل ما ادخل فيه مما ليس من طورى، فانا مضطر اليه «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ» «بقره ۱۷۳» فالان لا سبيل الى المخرج و لا علىّ فيما يجرى فى امور معيشتى من حرج لان تعيين اكثر المصارف من تلقائهم و اكثرها يرجع الى تربية بهائهم و ليس لى من تولية امور الناس الا قليل و لا فى قضاء حاجات المؤمنين مما فى ايديهم سبيل و ذلك لما عينوا لكل امر كلى من امورهم اميرا و امروا الناس ان يرجعوا اليه فى جزئيات ذلك الامر، كبيرا كان او صغيرا، فان اقتضت المصلحة ان ينهى شىء من ذلك الى الاصل الذى امّرهم فالانهاء وظيفة ذلك الامير ليس لغيره ذلك فان نهض ناهض غيره لذلك، عيّر و انّب و صار فى معرض الخطر و شديد الضرر فمن لا معرفة له بحقيقة الامر اخذ يعترض علىّ و يسقلنى بلسانه او يرمينى بعدم المبالاة بقضاء الحاجات فى جنانه و ربما يسلب عنى المروة و الدين رغما منه اقتدارى و ان لى ان افعله بيسارى و مع ذلك كله فالناس قد هجموا علىّ هجوم الهيم العطاش على المناهل و الموارد ما بين غاش و واش و عدو و حاسد، هذا يتملق لى و ينافقنى، و هذا يظهر لى المودة و يباغضنى، هذا يظن بىظن السوء و يؤذينى، و هذا يقع فىّ و يطعن فى دينى بعد ما كنت لقلوبهم حبيبا و لا دوائهم طبيبا و قد كادوا يقتلوننى او يأكلونني، هذا يريد مما يحسب عندى من المال، و هذا يطمع فيما يزعم بىمن الجاه، هذا يخدعنى عن نفسى و هذا يغرنى عن الشاه، هذا يتمنى من دنياى، و هذا يقع فى دينى و هذا يكنى و يعيننى، هذا يدعى انه لى حميم و يطمع ان اسقى لاجل دنياه من حميم، يحسبون انى ابيعهم دينى او اخدع عن يقينى، يتوجهون الىّ من كل فج عميق كانهم حسبونى كعبة الحجاج يدعى كل منهم انه محتاج، منهم من يريد الوظيفة من الوقف الخاص بذويه، و منهم من يريد الانعام من الشاه و مقربيه، و منهم من يبيعنى الذكاء و الكياسة لا عينه فى اتخاذ المنصب و الرياسة، و منهم من يمن عليّ ايتمامه بي فى الصلوة يريد بذلك نصرتى له بالادرار و الصّلات، و منهم من يمن علىّ فى حضوره مجلس درسى و افادتى طمعا فى اعانتى له و رفادتى، و منهم من يمن علىّ بنسخ تصنيفى يزعم ان لذلك مدخلا فى استمالة قلبى و تاليفى، و منهم من يحفرنى صباحا و مساء يروم منى ان اصير له على الناس كداء، و منهم من يفترى علىّ بعض الافتراء لغرض او مرض او بغضاء، و منهم من يريد ان انزع له من يد غيره او اشركه فى خيره، و منهم من يريد تقبيل يدىّ ليأخذ من ذات يدى، و منهم من كتب الىّ بالكتاب و يعرض لى بالخطاب، و منهم من يمن علىّ بزيارته لى مع ما فى قلبه فى خلافى يضيّع اوقاتى و يرجو منى التلافى، و منهم من لا ادرى ما مقصده من اختلافه الىّ و عرض حاله علىّ و اعجب من ذلك كله انى اقمت فى بلدتهم منذ سنين لم يجربنى احد منهم علمى و احوالى و لم يرد احد من علمائهم ان يكلمنى فى مسئلة دقيقة حتى يتعرف حالى و لم يبلنى احد من اذكيائهم حتى يظهر عنده جهلى و لم يسيروا فى بسيط تصانيفى المشتملة على تحقيق او تدقيق حتى يعلموا جبلى من سهلى و انى لا ازال اجرّب مقالهم و اتعرف احوالهم باستخراج معلوماتهم من تاليفاتهم فلا اجد احدا يكون من اهلى ثم انهم مع اقبالهم على طلب الدنيا و تجوالهم [و انهما كهم] فى سبيلها و صيرورتهم نفس الاحتياج فى تحصيلها ترى احدهم يبلغ غلّته ما يكفى عشرة امثاله و يطلب المزيد، ليت شعرى ما يريدوا والى كم فى الاسراف يزيد، قل له فاسعى ما ابقى اللّه رمقك فانك تجد فاجرا قد سبقك الا يشبعون من الفضول ام جماجمهم خالية من العقول يستذلون انفسهم لا مثالهم و يخمشون بايدى اطماعهم وجوه جمالهم يسألون الناس الحافا، لا تجد فيهم انصافا لا يقنعون بالعشاء و العذاء و لا يكتفون بالقميص و الرداء يشربون القهوات و يسيرون فى الشهوات ياخذون من هنا و هناك و يصرفونه فى الغليان و التنباك، يتزينون باللباس و الرياش و يحرصون على التفوق على نظرائهم فى المعاش عن اللّه و الدار الاخرة بفضول التجملات و الثياب الفاخره، لا بالقليل يقنعون و لا بالكثير يشبعون فصار ذلك سببا لصيرورة الكلّ كلا على الكل و اشتباك العز و الذل.
فمزيد الانقاق و الصله اذا وجد فمن [اين] و كم يعطي، بأيّة نيّة يعطى و اذا لم يجد الا من الحرام او الشبهة و ما فى ايدى الظلمة فمن اين يعطى و كيف يعطى و كيف يسأل ليعطى و من يسأل و لمن يسأل و كم يسأل و مم يسال و كيف يهريق ماء وجهه عند غير اهله على انه لا يعرف بالتحقيق اهلا للاستحقاق لما دخل فى معنى الاحتياج من الهرج و المرج و لا يجد بالقطع محلا للصله و الانفاق لما يرى من الشبهة و الريب فى الدخل و الخرج و قد ورد فى الحديث «اول ما يسأل الانسان اذا خرج من قبره عن عمره فيما افناه و عن ماله من اين اكتسبه و فيما انفقه» او لفظ هذا معناه.
و قال امير المؤمنين عليه السلام لما عوتب على التسوية فى العطاء من غير تفضيل اولى السابقات الشرف قال «اتامرونى ان اطلب النصر بالجور فيمن و ليت عليه و اللّه لا اطور به ما سمر سمير و ما امّ نجم فى السماء نجما لو كان المال لى لسويت بينهم فكيف و انما المال لهم» ثم قال «الا و ان اعطاء المال فى غير حقه تبذير و اسراف و هو يرفع صاحبه فى الدنيا و يضعه فى الاخرة و يكرمه فى الناس و يهينه عند اللّه و لم يصنع امرؤ ماله فى غير حفه و عند غير اهله الاحرمه اللّه شكرهم و كان لغيره ودّهم فان زلت به النعل يوما فاحتاج الى معونتهم فشرّ خليل و الام خدين» «نهجالبلاغه، خطبه ۱۲۶» انتهى كلامه صلوات اللّه عليه.
و لعمرى ان كان التزين و الفضول لطلب العز و الجاه فالقانع من نظر الخواص اعز و اكرم، و ان كان للراحة و الرفاه فالراحة فى القناعة و الخمول اكثر و اتم و هذا مما لا يخفى على العقلاء الالبّاء و انما لا يدركه السفهاء الحمقى و لقد صرت فى امرى و الها حيران لا ادرى ماذا اصنع والى اين اهرب، ضلّت عنى الفتوة و المروّة و لا اجد احدا محلا للاخوة و لا اهلا للمروة بين قوم لا يدرون ايا من اى و ليسوا من رعاة الدين فى شى حتى اسرتى و اصحابى فان كلهم سالكون غير سبيلى و ليس احد منهم من قبيلى فالى اللّه المشتكى و اليه الرجعى، «إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ» «یوسف ۸۶» ربنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق و انت خير الفاتحين و الحمد للّه رب العالمين و الصلوة و السلام على محمد و اهل بيته المعصومين.
تمت بالخير فى شهر ربيع الاول ۱۰۷۷.
۱. اين شعر منسوب به امام سجاد عليه السلام است و مصنف، كامل آن را در المحجة البيضاء.
ج ۱ ص ۶۵ آورده است.